الأكوان المتعددة :حقيقة أم خيال؟

2015/02/img_0841.jpg

هل يوجد لكل منا نسخة مطابقة له في أكوان أخرى؟ الاحتمال وارد إن صحت إحدى نظريات تعدد الأكوان والتي تقول أن هذه العوالم منفصلة سببيا، وهو مايعني أنه لا يمكن أن يقع أي اتصال بينها. بعض هذه الأكوان الكروية الافتراضية ربما تمثل نسخا مختلفة لكوننا، بينما في الأخرى، قد تختلف قوانين الفيزياء تماما.تطلق كلمةكون متعدد (multiverse) على مجموعة كاملة من الأكوان المتوازية. وإذا أخذنا ما تراه العين البشرية كمقياس لصحة نظريات الأكوان المتعددة فاننا نخلص الى أنها محض نسج من الخيال البشري،خاصة أن أكثر ما يُؤخد على هذه الفرضيات هو صعوبة أو ربما استحالة اخضاعها للاختبار لتَبيُن صحتها. تبقى هذه النظريات مثيرة و ممتعة إذا ما فكرنا فيها و مع أنها ليست مزيفة كليًا إلاً أنها تفتقر الى أي مصداقية علمية.
ومعروف أن الأوساط العلمية وخاصة علوم الفيزياء والفلك صارمة جدا في التعامل مع النظريات والأطروحات الجديدة. فالنظرية الفيزيائية مستحيل أن تلقى تقبلا واسعا في مجتمع الفيزيائيين عند بداية ظهورها. فأشهر نظريات الفيزياء الآن كنظريتي النسبية والكم قد واجهتا معارضة شديدة في البداية. فما بالك بنظرية تجتاز نظريتي الكم والنسبية من ناحية الجنون والغرابة. ومن أشهر هذه النظريات ما يطلق عليه الأكوان المتعددة.

والاكوان المتعددة هي نتيجة لبعض النظريات العلمية التي تستنتج في الختام وجوب وجود أكثر من كون واحد. ومتعدد الأكوان مفترض في علم الكونيات والفيزياء والفلك والفلسفة واللاهوت والخيال العلمي. وقد تأخذ الأكوان المتوازية في هذا السياق أسماء أخرى كالأكوان البديلة أو الأكوان الكمية أو العوالم المتوازية أو الوقائع البديلة أو خطوط الزمن البديلة، إلخ. في عام 1957 أتى هوف ايفيرت بفكرته الجديدة، كل الحالات تحدث في نفس الوقت! كيف؟ انت عندما تفتح الثلاجة ترى البرتقالة بلون معين،مثلا برتقالي فاتح،لكن هوف يقول لك بأنها فاتحة وداكنة و كل درجات الألوان الأخرى أيضا موجودة في نفس الوقت. مجرد أن تفتح الثلاجة تقع جميع الاحتمالات في أكوان أخرى، وأنت لا تعي الا كون واحد وهو الذي انت فيه.
وبالطبع لا يقبل كل الفيزيائيين هذه النظرية، وبعضهم يعتبرها من روايات الخيال العلمي. لكن، في الآونة الاخيرة تغير الموقف قليلا وباتت نظرية الأكوان المتعددة تناقش نقاش جدي من الكل ، فلماذ ؟
للإجابة على هذا التساؤل هناك 5 نظريات علمية تقترح تواجد عدة أكوان:
أولا : الأكوان الرياضية ،لقد تجادل العلماء حول ما إن كانت الرياضيات ببساطة اداة مفيدة لوصف الكون او إن كانت نفسها حقيقة أساسية. فملاحظاتنا على الكون هي مجرد تصورات ناقصة عن طبيعته الرياضية الحقيقة . وفي حال كانت ناقصة فيحتمل أن الهيكل الرياضي المكون لكوننا ليس الخيار الوحيد وبذلك تكون كل الهياكل الرياضية موجودة كأكوان منفصلة.
ثانيا : الأكوان الوليدة ،فنظرية ميكانيكا الكم التي تحكم عالم الجسيمات دون الذرية تقترح طريقة اخرى قد تكون نشأت بها الأكوان المتعددة . تصف ميكانيكا الكم العالم من حيث الاحتمالات بدلا من النتائج الواضحة,فرياضيات ميكانيكا الكم تقترح ان النتائج الممكنة قد تحدث بالفعل في اكوان منفصلة. ففي كل كون يوجد نسخة منك تشهد نتيجة من النتائج الممكنة فليس صحيحا ان واقعك هو الواقع الوحيد كما ذٌكر في كتاب الحقيقة الخفية.
ثالثا : الأكوان المتوازية ،فكرة اخري نشأت من نظرية الاوتار هي الأكوان المتوازية التي تتأرجح بعيدا عن كوننا . ظهرت الفكرة من امكانية زيادة أبعاد عالمنا عن الثلاث أبعاد الخاصة بالمكان والبعد الخاص بالزمن المعروفين. بالإضافة الي الثلاث أبعاد المكانية قد يكون هناك أغشية اخري ثلاثية الابعاد تطفو في فضاء عالي الأبعاد. وبنظرة اخري تقترح النظرية أن الأكوان المتعددة ليست دائما متوازية وبعيدة عن متناولنا فأحيانا من الممكن أن يصطدموا ببعض مسببين انفجار عظيم مرة اخرى يعيد تشكيل الكون مرة بعد مرة .
رابعا: التضخم الأبدي ،والتضخم هو تمدد الكون بسرعة بعد الانفجار العظيم. عرض هذه النظرية لأول مرة الفلكي اليكسندر فيلنكن حيث اقترح ان بعض تجاويف الفضاء توقفت عن التضخم بينما استمرت الاخرى مما ادى الي عزل الكثير من الأكوان الفقاعة. وبالتالي كوننا الذي انتهى من التضخم يسمح بتكوين المجرات والنجوم , فهو ليس إلا فقاعة صغيرة في بحر هائل من الفضاء حيث يوجد بعض الفجوات التي مازالت تتمدد والتي تحتوي علي هذه الفقاعات الصغيرة مثل كوننا وفي بعض تلك الفقاعات قد تختلف قوانين واساسيات الفيزياء عنا، مما يجعل هذه الأكوان أماكن غريبة بالطبع بالنسبة الينا .
خامسا: الأكوان اللانهائية ،لا يعرف العلماء بالضبط شكل الزمكان ولكن الراجح انه مسطح يمتد الي ما لانهاية. ولكن ان كان الزمكان مستمر الى الأبد , فيجب أن يبدأ في التكرار عند جهة ما لأنه يوجد عدد محدد من الطرق التي قد تتواجد عليها الجزيئات في الزمكان. لذلك اذا فكرت قليلا ستجد ان هناك نسخة اخرى منك، او بالأحرى عدد لانهائي من النسخ
بعضا منهم يفعل ما تفعله انت الان و اخرون قد ارتدوا سترة مختلفة في الصباح والبعض الاخر قد يكون كون مستقبل اخر.
ولأن الكون الذي يمكن ملاحظته هو الذي يمتد بامتداد الضوء (13.7مليار سنة ضوئية منذ الانفجار العظيم )
يعتبر الزمكان وراء هذه المسافة كون منفصل وبذلك توجد الاكوان المتعددة بجانب بعضها البعض في خليط عملاق من الأكوان!وفي الحقيقة هذه جميعها فرضيات، لكن عندما تصل عدة نظريات في الفيزياء الى نتيجة واحدة فان هذه النتيجة تأخذ على محمل الجد !!

انتهى

أضف تعليق