السفر عبر الزمن

من الصعب والصعب جداً السفر عبر الزمن. في الحقيقة، آمن معظم الناس في العصور القديمة باستحالة السفر عبر الزمن بشكل كلي. حيث كان الزمن يعتبر كسلسلة خطية من الأحداث عبارة عن: سبب و نتيجة، وهذا شيء لا يمكن تغييره .

على كل حال، بتقدم فهمنا للكون، نوجد فرضيات جديدة حول ما يمكن أن يكون. وعلى هذا النحو نطور نظريات متعلقة بالسفر عبر الزمن أكثر وأكثر. وهنا بعض هذه النظريات:

الاسطوانة اللانهائية:

تمّ اقتراحها من قبل عالم الفلك فرانك تيبلر، تسمح هذه الآلية لحضارات متقدمة بالسّفر عبر الزّمن (حضارات متقدمة جداً جداً جداً) .

لكي تعمل هذه الاسطوانة، سوف تحتاج إلى مادة بكتلة تقترب من عشرة أضعاف كتلة الشمس (أي الكثير الكثير من المادة). ثم عليك أن تمد هذه المادة في اسطوانة طويلة جداً وكثيفة جداً. وأنا أعني جيداً ما أقول عندما قلت كثيفة (جداً). ستكون هذه الاسطوانة خارقة الكثافة تشبه قليلاً ثقباً أسود قدّ مر عبر معمل للمعكرونة (وبالتالي تستطيع أن تتخيل التّكنولوجيا المطلوبة لإيجاد هذه الكثافة).

المفتاح إلى هذا الجهاز هو دورانه. ناقش الدكتور تيبلر فكرة أن الاسطوانة قد تنتج منحنيات مغلقة للوقت إذا كانت سرعة الدوران سريعة بشكل كافٍ – على الأقل بضعة مليارات من الدورات في الدقيقة – في حال دارت الاسطوانة بشكل سريع بما فيه الكفاية، فإن السفينة الفضائية (في حال كانت تتبع مسار حلزوني دقيق حول الاسطوانة) يمكن أن تسافر مليارات السنين إلى الماضي وبعيداً لعدة مجرات .

على كل حال، أثبت ستيفين هوكينغ أن السفر عبر الزمن لن يعمل مع اسطوانة منتهية ما لم نمتلك طاقة سلبية (وهذا غير مرجح). ولكن هناك أمل! فقد يكون ممكناً إذا كانت الاسطوانة طويلة بشكل لا نهائي .

بالمحصلة: أنت بحاجة لجعل هذا الشيء الفائق الكتلة والكثافة يدور مليار مرة في الثانية. ويجب أن يكون طوله إلى ما لا نهاية.

لذلك فإن القول بأن النظرية ستكون صعبة قليلاً إذا قررنا وضعها موضع التجريب فإن هذا جزء بسيط مما تقتضيه الحقيقة.

الثقوب السوداء:

هناك إمكانية أخرى تتمثل في نقل سفينة بسرعة حول الثقب الأسود (انتقال قريب من سرعة الضوء). لأن الثقوب السوداء هائلة جدا، فإنها تشوه الزمكان. وعلى هذا النحو، فإن الوقت يمر ببطء أكثر بالنسبة لأولئك الذين هم بالقرب من الثقب الأسود. ويقدر العلماء أن الأفراد يمكن أن يحصلوا عمليا على قيمة قريبة بما فيه الكفاية بحيث يتم خفض الوقت إلى النصف. وتكون 10 سنوات للكون 5 سنوات للمسافرين بالزمن .

ويقول هوكينغ، “أثناء دورانها ودورانها تمضي السفينة وطاقمها فقط نصف الوقت اللذي يقضيه الجميع بعيداً عن الثقب الأسود. وذلك أثناء سفرها عبر الزمن . تخيل دورانهم قريباً من الثقب الأسود لمدة خمس سنوات. سوف سوف تمر عشر سنوات في مكان آخر، وعندما يعودون إلى المنزل، فإن الجميع سيكونوا قد كبروا خمس سنوات أكثر مما قضاه أفراد الطاقم من العمر “.

وبالتالي ليست بالانتقال الهائل، ولكن ستستطيع أن تخفض سرعة الزمن قليلاً . قد لا يبدو كل هذا رائعاً. على كل حال، سيكون ذلك مفيداً في حال وجود مرض عضال، ستستطيع إبطاء الزمن وانتظار بقية الكون لإيجاد العلاج . المقصود هنا : أنه يتم إبطاء الزمن بالنسبة للمريض الذي تتفاقم أعراض إصابته وفق مقياس زمني خاص به وهذا المقياس أصغر من الزمن الأرضي وبالتالي يصبح أمله باكتشاف علاج اكبر لأن السنين الأرضية تمر أسرع من سنين حياته. الفكرة ليست معقدة ولكن التطبيق هو بعيد بعيد بعيد المنال.

بالمحصلة: أنت بحاجة للسفر بسرعة قريبة من سرعة الضوء ( نحن لا نمتلك التقنيات المطلوبة لتامين القوى اللازمة ). كذلك أنت بحاجة للاستفادة من ثقب أسود. وأقرب واحدة منها تبعد عنا سنين ضوئية ( وبالتالي تتطلب أجيالاً للوصول إليها). تعقيب: السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة وبالتالي هي واحدة لقياس المسافات الكونية المهولة.

وبالتالي، مثل المثال السابق، فإن هذا بعيد المنال تماماً.

السلاسل (الأوتار) الكونية:

تم اقتراح نظرية أخرى عن طريق توم كيبل في السبعينيات للمسافرين المحتملين عبر الزمن. وتشمل هذه النظرية على أشياء تسمى السلاسل أو الخيوط الكونية، وهي نتائج لفرضية وجود أنابيب أحادية البعد ذات طاقة وتتمدد على طول المستقيم الحامل لها في أنحاء الكون الآخذ في الاتساع.

في نهاية المطاف، يعتقد أن السلاسل الكونية موجودة منذ الكون المبكر، ويتوقع أنها تحتوي على كميات هائلة من الكتلة، وبسبب احتوائها على الكثير من الكتلة فإن بإمكانها أن تثني الزمكان حولها .

ومن المتوقع أن خيطاً واحداً على الأقل متشكل بحجم هابل ( وحدة هابل : هي المنطقة الكروية المحيطة بمُراقب والتي تبتعد فيها الأجسام عن هذا المراقب بسرعات أعلى من سرعة الضوء بسبب تمدد الكون ). يقول العلماء أن السلاسل الكونية إما أن تكون لا نهائية أو أنها بحلقات بدون وجود نهايات. لذلك، فإن اقتراب اثنين من السلاسل بشكل متوازي سيجعل الزمكان ينحني بقوة ( وخاصة في مثل هذا التركيب ) وبالتالي سيجعل السفر عبر الزمن ممكناً .

وبالمحصلة: القليل القليل من السلاسل الكونية ( من الممكن أن يكون هناك سلسلة أو اثنتين فقط في الكون المرئي كله، والذي يبلغ قطره 93 مليار سنة ضوئية). وهاتين السلسلتين يجب أن تكونا قريبتين من بعضهما. وهو سيناريو غير مرجح إلى حد ما.

آلات الزّمن:

إن الأبحاث في آلات الزمن حتى الآن غالباً ما تحتوي على فكرة انحناء الزمكان، بحيث أن خطوط الزمن تنحني على نفسها مشكلة حلقة. هذا ما يعرف تقنياً بـ ” المنحني الزمني المغلق “. لإنجاز ذلك، يعتقد أن آلات الزمن بحاجة لشكل غريب من المادة تتصف بما يسمى بـ” كثافة الطاقة السلبية ” . مثل هذه المادة الغريبة تمتلك خصائص غريبة، تتضمن التحرك بالاتجاه المعاكس للمادة العادية عندما يتم دفعها . مثل هذه المادة يمكن أن توجد من الناحية النظرية، ولكن إذا حدث ذلك، فربما توجد بكميات قليلة جداً لبناء آلة زمنية .

ومع ذلك، يفيد الباحثون في مجال السفر عبر الزمن بأن آلات الزمن ممكنة بدون المادة الغريبة. يبدأ العمل مع حفرة على شكل دائرة مجوفة ضمن دائرة من المادة العادية. بداخل هذا الشيء الذي على شكل دائرة مجوفة، يمكن أن ينحني الزمكان على نفسه باستخدام حقول جاذبية مركزة . للعودة بالزمن إلى الوراء، فإن المسافر يجب أن يتحرك بداخل الدائرة المجوفة، والذهاب مبتعداً في الماضي مع كل دورة .

وبالمحصلة: – نحن بحاجة لإيجاد الكثير من المادة الغريبة والتي نحن لم نتأكد بعد من وجودها . ملاحظة : ما تزال المادة المظلمة لغزاً محيراً حيث أظهرت دراسات حديثة أن التوقعات بوجودها بجانب شمسنا وبجانب النجوم القريبة بدأت تتهاوى وذلك حسب دراسة قام بها المرصد الجنوب أوروبي ( إيسو ). – نحن بحاجة للدوران كثيراً كثيراً بداخل الشيء الذي على هيئة دائرة مجوفة.

هناك نظريات أخرى . ولكن بغض النظر عن أي منها أنت تدرس، فإن السفر عبر الزمن يبدو غير ممكناً تماماً. على الأقل ، نحن حالياً لا نمتلك التقنية لصنع الأجهزة الضرورية، ونحن أيضاً نفتقر للتقنية اللازمة للوصول إلى الأشياء التي تحدث بشكل طبيعي ( كالثقب الأسود والخيط الكوني ) . وحتى لو تمكنا من صنع هذه الأجهزة أو الانتقال إلى هذه الأشياء، فإن البقاء على قيد الحياة يبقى أمراً غير مرجح . وعلى كل حال ، المجال يتغير بشكل مستمر ويتم اكتشاف أشياء جديدة باستمرار .. لذلك نحن هنا لكي نأمل .

انتهى

أضف تعليق