الباراسايكولوجي ومتاهة المس الشيطاني

 
الباراسايكولجي:
هي دراسة علمية لحدوث حالات ادراك عقلي او تأثيرات على الاجسام الفيزيائية دون تماس مباشر معها او اتصال عن طريق وسيلة فيزيائية معروفة، ومعظم المواضيع التي تطرح للدراسة هنا تقع في نطاق التأثيرات التالية :”عقل-عقل” مثل الإدراك فوق الحسي، التخاطر.

يشمل الباراسايكولوجي التخاطر الموسطع، التخاطر التنبؤي، قراءة اختلاج العضلات، تخاطر-كاما، تخاطر- كابا، إضافة لذلك هناك تأثيرات ” عقل-بيئة” وهي عندما يستطيع عقل احد الاشخاص التأثير في الاجسام المحيطة مثل “التحريك العقلي” وتأثيرات ” بيئة – الظواهر الروحية أو الساي ثيتا”.
يبقى الاثبات العلمي لهذه الابحاث محل نزاع وجدال ونقد، وغالبا ما يقال هذا العلم من قبل المتشككين بأنه احد العلوم الكاذبة، لكن اتباع الباراسايكولوجي يرفضون هذا الاسم باعتبار أن عدد من المعاهد والمخابر الأكاديمية يجرون ابحاثا حول هذا الموضوع.

في عام 1989 أطلق عالم النفس الألماني “ماكس دسوار” مصطلح الباراسايكولوجي مشيرا الى الدراسات العلمية للظواهر الروحية المنسوبة للكائن البشري، وسميت كذلك “بحوث ما وراء علم النفس”، ولكون هذا العلم من العلوم الحديثة ويعالج ظواهر غير طبيعية، لذلك فإنه يعتبر قريبا من الفلسفة اكثر منه إلى العلوم المادية، ويعرف على أنه بحث للعلوم فيما وراء العقل أو البحث الروحي، فهو يعنى بتفاعلات الاحساس والحركة دون الارتباط بقوة أو الية فيزيائية معروفة علميا، ولا يزال الشك يرافق مسيرة هذا البحث في ما وراء الطبيعة، وعلماء النفس عموما لا يعترفون بعمليته، وينقسم الناس بين مؤيد لتلك الظاهرة ورافض لها.

يبحث علم الباراسايكولوجي في الخوارق، وهو يحاول الاجابة عن الاسئلة الحائرة حول المس الشيطاني، والذي يعرف بمس الجن، ويشمل دراسة القدرات غير المألوفة التي يحوزها بعض الاشخاص كما يهتم بتفسير الادراك دون استعمال الحواس الخمس، ويستعمل وسائل علمية كيرة وعلوما شتى ومنها علم النفس وعلم الفيزياء والبيولوجي بالاضافة للعلوم الانسانية مثل علم الاجتماع، وهنا يجب التفريق بين الباراسايكولوجي وعلم النس طبقا لمفاهيم “فرويد”، لأن العلماء وعلى رأسهم “سيجموند فرويد” لا يؤمنون بكل الظواهر المسات “المس الشيطاني او الجن”، ويرفضون فكرة البحث عن المجهول فيما وراء المادة في عالم الارواح، ولهذا يفسر “فرويد” كل ظواهر المس الشيطاني على انها امراض نفسية، أو مدركات حسية متوهمة (هلوسة).
ويمكن تلخيص البحث في هذا العلم في اربعة مظاهر مختلفة هي:

– التخاطر “Telepathy”: وهو نوع من قراءة الافكار يتم عن طريق الاتصال بين عقول الافراد، وذلك بعيدا عن طريق الحواس الخمسة، أي دون الحاجة الى الكلام او الكتابة او الاشارة، كما يتم هذا التخاطب من مسافات بعيدة.

– الجلاء البصري “Clairvoyancy”: والتي تعني حدة الإدراك والقدرة على رؤية كل ما هو وراء نطاق البصر كرؤية قريب او صديق يتعرض لحادث بالرغم من بعد المسافة بينهما وما إلى ذلك.

– بعد النظر أو معرفة الأحداث قبل وقوعها “Percognation”: كتوقع موت رئيس دولة أو حدوث كارثة وغيرها من التوقعات.

– القوى الخارقة في تحريك الاشياء “Psychokinesis”: ويملك صاحبها القدرة على تحريك الاشياء ولويها او بعجها دون لمسها ويحركها بواسطة النظر اليها فقط.

لقد اندفع العلماء الى دراسة الباراسايكولوجي قبل مئة سنة وما زالوا يواصلون ذلك، وحتى الان لم يتوصلوا الى مايؤيدها علميا، وقد أجريت تجارب لا حصر لها وبالرغم من ذلك لم تظهر النتائج بشكل يدل على علمية ما يدعي اصحابها، ولهذا اهتمت جامعات كثيرة في العالم بالبحث في علم الباراسايكولوجي، أو المس الشيطاني أو مس الجن للإنسان، ومنها جامعة كورنينجن وسيتي كوليدج في نيويورك، وفي انجلترا تواصل الكلية البريطانية للعلم الروحي أبحاثها في هذا المجال، وكذلك كلية ادنبرة الروحية، وجامعة لندن أصبح بها معمل خاص للبحوث سمي ” المعمل الوطني للبحث الروحي” وتصدر عنه جريدة اسبوعية توضح اخر الابحاث في هذا المجال، أما في فرنسا فيوجد المعهد الدولي لما وراء الروح. و رغم أن هذه الظاهرة غير مدروسة علميا فإن العديد من اجهزة المخابرات مثل “CIA” قامت برعاية برامج عن الباراسايكولوجي وخاصة الاستشعار عن بعد.

وهناك هيئات جندت اموالا طائلة الى من يأتي بنتيجة بحث تثبت علمية الباراسايكولوجي، ولحد الان لم يفز احد بتلك الجائزة، كما ذكرت “National Research Concil” بأنه لم تكن هناك نتيجة من تلك الابحاث التي اجريت بحيث تثبت حقيقتها العلمية في هذا الخصوص، ويضيف قعد الباحثين إلى ان العوامل الذاتية تتدخل في نتائح الابحاث التي تجري، فإن كانت التجربة تجري من قبل متشكك في الظاهرة فستميل النتائج إلى ان تكون سلبية، والعكس صحيح ايضا.

وقد ساد سابقا اعتقاد بأن تلك الشخصيات التي تملك القدرات الفائقة مصابة بمرض انفصام الشخصية، ولكن ثبت غير ذلك، وأن لديهم فعلا قدرات غريبة في معالجة بعض الامراض المستعصية وبطريقة يعجز الطب عن تفسيرها.

لقد اجريت العديد من التجارب والتي اثبت بعضها ان 20% من النتائج كانت في صالح الباراسايكولوجي، وهكذا جاء جواب المتشككين بأن الصدف في ذلك هي التي تلعب دورها، وكان الرد عليهم، بأن هذه النسبة المئوية العالية لم تكن محض الصدفة لأن من طبيعة الصدف أن تشكل 1/1000. هناك من شكك في الامر وذكر ان الحيل السحرية التي يتبعها السحرة لها دور فعال في تلك الظاهرة، حيث لعب الاعلام دورا كبيرا في استغلال تلك الظاهرة وذلك بإخراج الافلام والمقابلات لمن يستعملها والترويج للكتب المختلفة عن الذين يقرؤون الافكار ويحضرون ارواح الموتى ويرون من خلف الجدار وما الى ذلك بحيث اصبح البعض حائرا امام تلك المقولات، وهكذا فقد دفعت تلك الشكوك العلماء الى مواصلة البحث والدراسة لعلهم يتوصلون الى حقيقة ذلك. وما على العلمءا وخاصة علماء النفس والتتبعين لاثبات صحة تلك الحقائق العلمية إلا ان يواصلوا جهودهم. وقد يساعدهم ذلك للوصول الى الحقائق التي لم تكون واضحة اليوم وقد تتوضح في المستقبل.

أما علماء الدين فلهم نظرة خاصة حول تلك الظاهرة، والامثلة كثيرة على ذلك عبر التاريخ، حيث يعتقد بأنها مس شيطاني من الجن او مس من ارواح خبيثة.

إن الدماغ البشري معجزة من معجزات خالقها التي تجعل الدارسين في كنهه عاجزين عن الوصول الى جميع فعاليات ونشاطات الدماغ، وباستعمال التقنية الحديثة تمكن العلماء من الوصول إلى الكشف في كل دقيقة عن شيء جديد لفعاليته ونشاطه، و بالرغم من ذلك تعتبر النتائج التي توصل إليها الإنسان عن الدماغ البشري ما هي الا نقطة في بحر.

ولعل هناك منطقة في المخ البشري هي المسؤولة عن الباراسايكولوجي، وهي التي تجعل بعض الافراد لهم تلك القدرة على تلك النشاطات الخارقة، وهكذا فإن الجدل مستمر إلى ان تكشف الايام صحة او خطأ ذلك، والعلم مستمر في بحث هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر المختلفة.

لقد وجدت هناك مجموعة من الاشخاص الذين يملكون قدرة وساطية وهي قابلة لاستقبال الارواح في اجسادهم ويسمون بالوسطاء الروحيين، وتمت عدة تجارب اكدت قدرة بعض الوسطاء على نقل المواد من مكان لاخر، او سماع اصوات معينة في غرفة بعيدة عنهم وتسمى هذه “ظاهرة الجلاء السمعي” أو الاستبصار بحادثة معينة في مكان اخر ” الجلاء البصري”، وقد اكتشف علماء الباراسايكولوجي ان الوسيط الروحي او الشخص الممسوس بروح معينة، تتكون لديه قدرات خاصة، لأنه اصبح وسيطا بين عالمي الجن والإنس، فتظهر عليه قدرات عالم اخر هو عالم الجن، ولذلك اطلق علماء الباراسايكولوجي عليه اسم الوسيط. ولكل وسيط قدرات معينة تزيد او تقل حسب الزمن او الظروف المحيطة، كظاهرة الالهام وعلاج الامراض، والاستقصاء عن شخص مجهول، أو الكتاب والرسم وما الى غير ذلك.

يأتي على رأس العلماء الباحثين في هذا المجال الدكتور ” كارل ويكلاند” أستاذ التشريح في جامعة إلينوي، وهو يعتقد أن هذه الظاهرة تحدث نتيجة مس الارواح الشريرة او مس الجن، وذكر في كتابة (ثلاثون عاما بين الموتى) حوارات عديدة تمت عن طريق جلسات تحضير الارواح، وقال أنها مست ادميين وتسببت لهم في امراض خطير مثل: الشلل والصرع والصداع المستمر. وفي حقيقة الامر إن الوسطاء الروحانيين يعيشون حياة تعيسة حيث إن مس الجن يسبب للانسان مشاكل عديدة مثل الامراض التي ذكرت أو قد يسبب المشاكل مع اقرب الناس، ودائما يكون الضرر من المس الشيطاني اكبر بكثير من الفائدة المستحصلة من هذه القدرات الغريبة التي اكتشفها علماء الباراسايكولوجي عبر تجارب مضنية ولفترات طويلة من البحث الذي يعلوه الغشاوة والكذب في أغلب الاحيان، نتيجة ظروف البحث الغامضة التي لا تملك أبجدية هذا العلم الغريب، وما زال العلماء يتخبطون في متاهة الباراسايكولوجي.

عوارض المس الشيطاني:
يستخدم مصطلح “المس الشيطاني” أو ” التلبس” لوصف حالة التحكم الذي تحدثه الشياطين في نفس الإنسان، حيث تتلاشى شخصية الانسان وذكرياته ويصبح كدمية تلعب بها قوى الشر التي تتملك عقله، فيبدأ نشاطه الطبيعي بالخبوّ كمن هو على وشك الاحتضار، وعلى عكس التأثير الذي يتضمن نوع من انشاء قناة تنفذ منها الرسائل والايحاءات من الارواح او الجن، فإن الضحية في حالة “التلبس” لا تملك أي نوع من التحكم بالذي يسيطر عليها أو يتلبسها إلا بوسائل تتضمن طقوسا لطرد الأرواح والمعالجة بالقران الكريم والتي تسمى “Exorcism”، ولا يقتصر التلبس على البشر ولكن يشمل تأثيره أيضا على الحيوانات.

يرجع أو توثيق معروف لحالات التلبس الى الحضارة السومرية التي نشأت في بالد الرافدين حيث كانو يعتقدون أن سبب المرض في الجسم او العقل إنما يرجع إلى تأثير “ارواح المرض”، حيث كان الكهنة من رجال الدين يمارسون طقوس طرد الارواح عبر صلواتهم الموجهة للالهة بهدف الحماية من الشياطين أو تخليص الاجساد منهم.

وكما ذكرنا في القسم الاول فإن علم النفس لا يعترف بوجود تأثيرات من عوالم اخرى كالجن او الشياطين وبالتالي ما يسمى “التلبس” أو ” المس الشيطاني” ليس الا مجرد حالات هلوسة او انفصام في الشخصية، حيث يلعب الماضي الشخصي للانسان والثقافة بما فيها الدين دورا اساسيا في التأثير على ما يريد عقله أن يفسره سواء بما يراه من صور ذهنية قد تكون مخيفة أو اصوات تأمره بالرذيلة أو التمرد على القيم الاخلاقية، ويتم العلاج بالخضوع لجلسات الكهرباء الدماغية وتناول بعض العقاقير المهدئة والجلسات النفسية.

أما الاديان السماوية بما فيها الاسلام فقد اقرت بتأثير الشياطين على البشر في حالات معينة، ويعتبر “التلبس” أقوى تلك الحالات، ويندر حدوثه.
وللتلبس الشيطاني علامات عديدة تلاحظ على الضحية، وهي:
1. الانعزال عن المجتمع وحب الجلوس وحيدا في اوقات متأخرة من الليل وفي أمكان مثل المرحاض أو الحمام.
2. تدنيس المقدسات أو شتم رموز الدين أو تمزيق الكتب المقدسة.
3. جمود في حدقة العين.
4. عصبية لا مبرر لها.
5. الاحساس بثقل على الصدر.
6. الإتيان بفعل شائن كالتبول او التعري او حتى الاستنماء أمام الاخرين.
7. التحدث فجأة بلغات أخرى لم يكن يعلمها أو بصوت لا يعود لها، كأن تتحدث المرأة بصوت رجل أو العكس.
8. في حالات نادرة قد يرتفع جسد المتلبس فوق السرير او قد تتحرك اشياء حوله دون سبب ظاهر.
9. كوابيس مخيفة متكررة ترى فيها الضحية اشكال مخيفة كالثعابين والكلاب أو اشكال غير بشرية مخيفة وقد يراها في وقت اليقظة.
10. كوابيس تحرش جنسي متكررة تشعر الضحية بها بالخوف والقرف.

وقد ترجع اسباب التلبس إلى:
1. فعل سحر لتسليط الشياطين على الضحية انتقاما او حقدا
2. عشق الجن للضحية سواء كان رجلا او امرأة.
3. ضعف الايمان او القيم الروحية لدى الضحية حيث يسهل قيادتها والتفرد بها والسيطرة على عقلها من قبل الشياطين.

 

بين الفصام الذهني والمس الشيطاني:
قد يمر بعض الافراد بتجارب يزعمون فيها أنهم رأوا او سمعوا امورا ليس لها صلة بالعالم المادي، وغالبا ما يبررون حدوثها بفعل كائنات غيبية كالشياطين والجن او حتى الملائكة، نتيجة إيمانهم ومعتقداتهم المتنوعة، وقد تصل في بعض الاحيان الى شكل قوي الهيمنة والتحكم يصفه البعض “بالتلبس” أو “المس الشيطاني”.

لكن وكما سبق وأوضحنا فإن العلم يؤمن فقط بالادلة المادية المتأتية من قياسات الاجهزة، وما خضع لشروط التجربة المخبرية، وبالتالي فإن له رأي اخر في تفسير تلك الحالات خصوصا عندما لا يتوفر الدليل المادي الدامغ، ورغم أن العلم قد تقدم في تقنيات تصوير الدماغ وخطى خطوات ملحوظة في علم الكيماويات المؤهرى على عمله وتوصل الى طرق ناجحة في القليل من الحالات، إلا انه ما زال يرتكز في معظم الاحيان على ما أفرزته نظريات علم النفس منذ أن وضع قواعده العالم “سيجوند فرويد” وما تبعه لاحقا من تطورات في فهم النفس البشرية، ونظريات عديدة كان لها مدارسها المتنوعة.

وكما اوضحنا سابقا فإنه ورغم التطور العلمي فإن العقل البشري ما زال كالكون الفسيح، فكلما ظننا اننا نقترب من فهمه وفك شيفرته أدركنا انه لا زال امامنا المزيد لاكتشافه، إن مفردات كالعقل الباطن والعقل الواعي والنفس والروح والجسد بكلتا حالتيه المادية والاثيرية – رغم ان العلماء لم يبرهنوا على وجود الاثير اصلا – والأنا العليا والأنا السفلى، تعكس تعقيد النفس البشرية، وتطرح اسئلة اخرى اكثر من أن تجيب عن الاسئلة الاولى.

* توضيح:
إن الفكرة التي تتحدث عن الصلة بين التجارب الماورائية والمرض العقلي فكرة ليست بجديدة، فغالبا الاناس الذين يرون اشياء لا يراها الاخرون أو يسمعون ما لا يسمعه الاخرون وعلى نحو اكثر من غيرهم، ينظر اليهم على انهم اشخاص غير عاديين، في حين ان المرض العقلي يمكن أن يؤدي في الواقع الى جعلهم يعتقدون أن لديهم تجارب ما ورائية او خارقة، لكن هذا لا يعني بالضرورة ان كل شخص يعتقد أنه عاش تلك التجارب مريض عقليا.

إن احدى اهم الصلات بين الظواهر الماورائية والمرض العقلي يأتي مباشرة من معايير تشخيص الامراض العقلية، فالمصاب بالفصام الذهني كما سبق ووضحنا يصاب بعوارض مساع الاصوات، وعندما يتحدث شخص عن سماعه لبعض الاصوات التي لا يسمعها غيره يصبح مؤهلا على الفور لينطبق عليه معيار محدد من معايير التشخيص لمرض الفصام، لكن ذلك لا يعني بالضرورة ان الشخص مصاب بالمرض او مختل عقليا، حيث يوجد اكثر من مجرد معيار واحد للامراض العقلية.
إنه من المغري افتراض ان أي شخص يسمع صوتا يجب ان يكون اما مريض عقليا او انه لهخ خبرة مع الخواق، لكن ليس بالضرورة ان تكون هذه طبيعة الحال، فمن الممكن تماما ان يواجه شخص سليم لحظات مؤقتة من الهلوسة الحسية قد تكون ناتجة عن أي شيء يتراوح من الطنين السيء إلى التهاب في الاذن، وهنا يمكن للشخص ان يظن انه يمتلك تجربة خارقة، فيما يظن الاخرين بأنه شخص مختل عقليا، ولكن الامر بكل بساطة أنه لديه عسر هضم.

ما ذكر لا يعني عدم وجود تجارب ما ورائية او خوارق كما لا يعني وجودها ايضا، كما لا يعني ان كل شخص مريض عقليا فإن مرضه يشتمل على حدوث هلوسة او سماع اصوات وفقا لاحد معايير التشخيص سيمر بتلك الاعراض المحددة لهذا المرض.

واخيرا فإن مسألة وجود صلة بين الخوارق والمرض العقلي مجرد صلة تتعلق بالظروف المحيطية، ومن الافضل ان نفصل بين فكرة التجارب الماورائية والمرض العقلي، فالصلة الموجودة واهية وضبابية، وفي كثير من الاحيان لا توجد اطلاقا، والمسألة فقط تعتمد على طريقة تفسير المرء لحادثة ما هو الذي يساعد على تحديد ما اذا كان الحدث خارقا او نفسيا او امر اخر.

اراء بين الفصام الذهني والمس الشيطاني:
نعرض رأيين احدهما لباحث في الماورائيات، والاخر لطبيبة امراض نفسية (نصيا)

أولا: رأي باحث في الماورائيات:
يذكر جيسون هاويز مؤسس الجمعية الاطلنطية المعروفة في التحقيق في ظواهر ما وراء الطبيعة، والتي يرمز لها اختصار “TAPS” رأيه في أحد اهم الامراض النفسية من ناحية صلتها المزعومة “بالمس الشيطاني” والمعروف باسم الفصام الذهني (الشيزوفرينيا)، فيقول:

يحاول العلم على الدوام تصنيف كل أمر وإعطائه مسمى ما. وأقول أن نظرتهم تلك أضرت كثيراً بالحقيقة، وعلينا أن ندرك على النحو ذاته بأن العلم يقتل فكرة الله، نعم إنها الحقيقة لأن العلم يريد منك أن تؤمن بأنك مخلوق من أحماض أمينية تكونت في بركة من الطين في مكان ما وأن هذا هو الذي أتى بنا إلى هذا العالم وما آل إليه حالنا اليوم.

هل هذا ما حدث بالفعل؟
لا يمكنني الإجابة عن ذلك لأنه ليس لدي أدنى فكرة، فأنا غير متأكد أين أقف بين الدين والعلم ، فمن ناحية يكون العلم قابلاً للتصديق لأنه لحد يومنا هذا ما زلنا نحن البشر في مرحلة تطور مستمر كما أكده العلم ومن ناحية أخرى يملك العلم دائماً في جعبته تفسيراً لكل شيء !
يصيب الفصام الذهني أو ما يطلق عليه اسم ” الشيزوفرينيا” 1 من أصل 100 شخص تقريباً ، هذا المرض يؤثر على الرجال والنساء بشكل متساو ولكنه يضرب عادة في آخر سنين المراهقة أو أوائل العشرينيات من العمر، إذ تعتبر “الشيزوفرينيا” إضطراب في الأفكار حيث يحدث إختلال في نماذج الأفكار والعمليات الذهنية ، ويكون لدى الأناس المصابين بالشيزوفرنيا عادة عدد من الأعراض التالية
– لغة غير متصلة ومشوشة.
– محاكمة منطقية ضعيفة، وكذلك ضعف في الذاكرة وفي الحكم على الامور.
– مستوى عالٍ من القلق.
– اضطرابات في النوم والأكل.
– هلوسات سمعية وبصرية، ورؤية أمور لها وجود فقط في أذهانهم.
– أوهام ومعتقدات زائفة عن أمر ما، ومثال على ذلك اعتقادهم بأن احداً يتحكم ويقود أفكارهم.
– إنحسار اهتمامهم بمظهرهم أو بنظافتهم الشخصية، ونزوعهم للابتعاد عن الآخرين.
مع الأسف يوجد الكثير من الأساطير حول “الشيزوفرينيا” ، فالأشخاص المصابين بها ليس لديهم ” إنقسام في الشخصية مزدوجة ” كما أنهم ليسوا لديهم ميل إلى العنف.ومرضهم ليس ناتج عن التربية السيئة كما أنه ليس ضعفاً في الشخصية وإنما ناتج عن إختلال بيوكيميائي في الدماغ ، وتقريباً ثلث أولئك الذين تعرضوا للإصابة بالشيزوفرينيا في مرحلة من حياتهم لن تعود إليهم أعراضها مجدداً. والثلث الآخر منهم ستلازمهم أعراضها لفترات مؤقتة تفصلها فترات لا أعراض فيها أما الثلث الأخير فيحتاج إلى المعالجة المستمرة ، والأدوية الحديثة وإعادة التأهيل ستأتي بالأمل في السيطرة على هذا المرض.

اضطرابات مؤثرة:
أدرك بأننا نحن البشر لسنا مستقرين أو مريضين ذهنياً ، لكن هناك فقط 10% من إجمالي 100% فقط سيتحولون إلى أناس لديهم أحاسيس غير عادية يصفهم البعض بالمبروكين أو من يملكون الشفافية ، بينما نسبة 2% سيكونوا تحت تأثير نوع من المس أو القمع ؟! ، معظم تلك الأعراض التي ذكرناها أعلاه يمكننا أيضاً أن نراها في أولئك الذين يملكون تلك الشفافية والذين لم يتعلموا أن يتحكموا من إنفتاحهم على الناس أو أنهم لا يدركون ما يحصل لهم.
لنأخذ أحد هذه الأعراض:
– هلوسات سمعية وبصرية، ورؤية أمور لها وجود فقط في أذهانهم.
نجدها موجودة فعلا لدى أولئك الذين لديهم شفافية.
أما الأعراض التالية:
– لغة غير متصلة ومشوشة.
– أوهام ومعتقدات زائفة عن امر ما، ومثال ذلك اعتقادهم بأن أحداً يتحكم ويقود افكارهم.
– إنحسار اهتمامهم بمظهرهم أو بنظافتهم الشخصية، ونزوعهم للابتعاد عن الآخرين.
نجدها ونسمع عنها في حالات المس.
لا أدعي القول بأن أولئك الناس الذين ظهرت عليهم تلك الأعراض على خير ما يرام ، لكنني أقول من منطلق معتقداتي وخلاصة خبراتي وما رأيته في ذلك الحقل من الدراسة بأنني أعتقد بأن بعض الأشخاص (عدد ضئيل منهم) قد تم تشخيص حالتهم على نحو خاطئ بالمرض الذي سماه العلم ، لأنهم ليسوا مرضى على الإطلاق من الناحية العلمية.

ثانيا: رأي طبيبة أمراض نفسية (د. مرام الشطي)(1):
إن تفسير الأمراض النفسية بالسحر ومس الجن والحسد لا أساس له في الطب النفسي. لعل الأمراض النفسية بصفة عامة هي أكثر الموضوعات التي تدور حولها الأساطير ،فيردد الناس حولها الروايات والقصص الخيالية، حتى أن الحالات النفسية قد ارتبطت لفترة طويلة من الزمان في الأذهان بمعتقدات وأوهام منها تأثير الحسد والسحر ومس الجن والأرواح الشريرة وغيرها من القوى الخفية.

وربما كان السبب في هذا الإرتباط بين الأمراض النفسية وهذه الأوهام والمعتقدات هو محاولة الناس المستمرة البحث عن سبب أو تفسير للتغيرات التى تصيب بعض الناس وتسبب لهم الإضطرابات ، وفي هذا الصدد نسمع عن أشياء غريبة يرددها المرضى أو ذويهم ،فعلى سبيل المثال يذكر المريض أنه رأى في منامه حلماً مزعجاً وأصابه المرض في اليوم التالي ، وتروي بعض الأمهات أن ابنتها المصابة باضطراب نفسي قد تعرضت للرعب حين انقطع التيار الكهربائي فجأة وكانت بمفردها في غرفة مظلمة وأعقب ذلك اصابتها بالحالة النفسية . ومن ما يردده الناس أيضاً عن إصابة البعض بالاضطراب النفسي نتيجة التعرض لتأثير قوى خفية ، فمن المرضى النفسيين من يؤكد أنه شاهد أشباحاً مخيفة أو شيطاناً أو هالات ضوء أو ومضات كالبرق ويفسرها بأنها تحمل رسالة موجهة اليه ، ومنهم من يتصور أنه استقبل أصوات تخاطبه وتوحى اليه بالقيام ببعض الأفعال أو تأمره بعمل شيء ما، ويتصور البعض حين يستمع الى ذلك أن هناك قوى خفية وراء المرض النفسي.

لكن التفسير العلمي لذلك لا يعدو أن ما يحدث في هذه الحالات ليس سوى استقبال المريض لبعض المؤثرات الصوتية والضوئية غير الواقعية نتيجة لخلل مرضي أصاب مراكز الجهاز العصبي ، وهو مانطلق عليه في الطب النفسي ” الهلاوس ” السمعية والبصرية Hallucinations ، وهذه من أعراض المرض العقلي وليست سبباً فيه ، كما أنه لا علاقة بين ذلك وبين الأشباح أو الأرواح الشريرة أو القوى الخفية .

سلاح العقل الباطن:
كثيراً ما يروى لنا أهل المرضى في العيادة النفسية روايات غريبة عن مرضاهم حيث يذكرون أن الشخص يتحول في بعض الأوقات إلى شخصية أخرى يتحدث بلغة لا يفهمها أحد وصوت مختلف فيكون تفسيرهم لذلك أنه ” ملبوس ” بواسطة الشياطين التي تسبب له المرض، غير أن التفسير النفسي لذلك هو حالة تهور هستيري أو تقمص المريض لشخصية أخرى كوسيلة يستخدمها العقل الباطن للهرب من القلق وضغوط الحياة التي لا يمكن له مواجهتها فيكون الدفاع الملائم هو الهروب منها ويتحقق للمريض أيضاً التعاطف والرعاية من المحيطين به فيكون ذلك حلاً مرضياً لمشكلته.

إغلاق الابواب:
إننا نؤمن تماماً بكل ما ورد في القرآن الكريم حول السحر ، والجن ، والحسد ، لكن الإلتزام بالكتاب والسنة لا يجب أن يقودنا الى التصديق بأمور تفتح الطريق الى كثير من البدع والخرافات التى يروج لها المشعوذون، وهناك أمور لا يملك أحد أن يؤكدها أو ينفيها مثل دخول الجن الى داخل جسد الأنسان أو قدرته على التسبب له في الأذى ، وكذلك أثر العين على الأنسان والقدرة على تجنبه ، والحقيقة أن الدفاع الأمثل ضده هذه الأمور هو التمسك بالإيمان القوى بالله والتسليم بأنه لن يصيبنا إلا ما كتبه الله سبحانه. والحقيقة أننا من وجهة النظر النفسية نحاول دائماً التمسك بالحقائق العلمية المدروسة في تناولنا لتلك الأمور ، ونقوم بعلاج هذه الحالات وفق الخط الطبي والنفسي الذى نعلمه دون التوقف كثيرا أمام الاعتبارات الخفية في الموضوعات التي تخص الصحة والمرض .

نصيحة:
الأخوة والأخوات …هي نصيحة الطب النفسي إليك.. دع عنك الاستغراق في التفكير في هذه الأمور التي قد تدفعك إلى القلق والاضطراب والخوف وربما تصبح بعدها من المرضى الذين يحتاجون لعلاج طويل ، وكل ما عليك هو أن تتفاءل وتبتسم للحياة، وقبل ذلك وبعده أن تتوكل على الله في أمرك كله.

—————————
(1) د. مرام شاهين الشطي:
درست د. مرام شاهين الشطي (31 سنة) الطب في جامعة دمشق وتخصصت بعد تخرجها في مجال الطب النفسي في القاهرة وحصلت على الدكتوراه وتعبر عن سعادتها لتطور نظرة المجتمع إلى الطب النفسي لأنه لم يعد مقتصراً على ذوي الأمراض العقلية كما كان سائداً في العالم العربي وتعتقد أنه يجب على كل فرد التوجه إلى عيادة الطبيب النفسي من آن لآخر وتتمنى أن تشارك في مساعدة الناس لحل مشكلاتهم لأنها تكون على الأغلب نابعة عن الضغوط النفسية وتقول :” من منّا لا يحتاج لشخص يصغي لمشاكله وهمومه فكيف إذا كان سيساعده على حلّها أيضاً فالإنصات للمريض وإدراكه لمدى تفهمنا له وثقته بنا هو نصف العلاج وأنا أعتمد على هذا في معالجة جميع الحالات ” ، وحول رأيها في رائد علم النفس فرويد تقول :” فرويد أستاذنا الكبير بالطبع لكنني لست من النوع المتعصب لأفكار واحدة ومذهب واحد فأنا أتابع أساتذة آخرون من عصور سبقتنا ومن عصرنا هذا حتى ولا يوجد لدي أي مشكلة في وجود علماء روحانيين زملاء بل يسرني الاستماع الى جميع وجهات النظر وفي النهاية لا يصح الا الصحيح “.

 
حالة واقعية ومواجهة بين العلم والدين:
أنتج فيلم بعنوان ” Exorcism of Emily Rose” عام 2005، واستند الفيلم على احداث قصة واقعية حدثت في القرن الماضي لطالبة المانية اسمها “اناليز مايكل”. تدور احداث الفيلم عن الفتاة اميلي روز ( اناليز مايكل) وهي طالبة جامعية تعيش وسط عائلة متدينة، تبدأ ذروة احداث الفيلم عندما تتفاجأ العائلة بحدوث تشنجات واضطرابات نفسية لابنتها، مع تحريك الاشياء وانتقالها من مكان الى اخر وتحطيم الاثاث وتشويه نفسها، ومن خلال عرضها على الطبيب يتضح انها مصابة بالصرع، لكن حالتها لا تتحسن بعد اخذها للدواء فيقوم والد “إميلي” بالاستعانة برجل الدين “ريتشارد مور”، الذي يقنع والد الفتاة بأن ابنته مصابة بمس شيطاني ينبغي اخراجه منها، فتبدأ جلسات طرد الارواح لتنتهي بوفاة اميلي، ثم يحاكم الاب “ريتشارد مور” بتهمة تحريض “اميلي” على عدم الالتزام بتناول الادوية والاكتفاء بالعلاج الديني مما أدى الى وفاتها.

يقدم الفيلم مواجهة بين العلم والدين من خلال طرح اسئلة كثيرة تتعلق بالمسلمات الدينية ومدى التمسك بها وتأثيرها على حياة الانسان، كما يلقي الضوء على تفاصيل محاكمة الاب “ريتشارد” والدفاع عنه من قبل المحامية ” الين” التي يفرض عليها مديرها الدفاع عن القس وتضطر الى ذلك رغم عدم ايمانها بالله، وهنا المفارقة الواضحة بالفيلم حيث ان محامي الادعاء يقول إنه مؤمن ولكنه بنفس الوقت رجل حقائق، بينما المحامية الملحدة لا تؤمن بهذه الخرافات وتدافع عن قس مؤمن.
في احد مشاهد الفيلم تستعين المحامية ” الين” بإحدى عالمات الباراسايكولوجي التي تؤيد ان ما اصاب ” اميلي” بالفعل هو حالة من المس الشيطاني، وان علاجها الوحيد يكمن في جلسة تحضير الارواح، وان السبب المباشر والرئيسي لفشل جلسة تحضير الارواح، هو تناول “اميلي” سابقا لأدوية الصرع التي وصفها الطبيب، حيث ان هذه الادوية تعمل على تثبيط عمل نقطة معينة في الدماغ وهي التي تساعد على استيعاب الصدمة الناتجة عن عملية طرد الارواح.

كما يعرض الفيلم في احدى جلسات المحكمة مشهدا يقوم من خلاله الاب “ريتشارد” بابراز شريط تسجيل لاحدى محاولاته مع “إميلي” في جلسة طرد الارواح،فيفاجأ الجميع بالشيطان يتحدث بلغة رومانية غريبة قائلا: أنا كاين Cain الذي اسكن هنا، انا الشيطان ابليس”، ومن المتعارف عليه ان التفوه بلغة غريبة يُعتبر من أعراض المس الشيطاني، ولكن يتبين لاحقا أن اميلي كانت تدرس اللغة اللاتينية ولغة قدماء الرومان بالاضافة الى اللغة الارامية، كما أن اعراض مرض الصرع تدفع المريض لتقبل أية افكار يقولها المعالج، فمثلا ان حاول المعالج اقناع المريض بأنه مصاب بمس وسيخرج ذلك الشيطان من جسده سيتفاعل معه ويصدقه وعندها تشتد حالة الفصام لديه.

أنليز مايكل:

 

كما سبق وذكرنا فإن احداث الفيلم مقتبسة عن قصة واقعية جرت في المانيا، وكانت ضحيتها “انليز مايكل” التي ولدت عام 1952 في مقاطعة بافاريا في المانيا، وقد ترعرت ” انليز” في كنف عائلة كاثوليكية متدينة، وعندما بلغت سن (17) سنة بدأت تعاني من هلوسات شيطانية وتسمع اصوات غريبة اثناء تأديتها للصلوات، وقد خضعت للعلاج النفسي في عيادة الدكتور “فيرزبيرغ”، لكن امرأة كبيرة في السن كانت ترافق “انليز” في تعبدها لاحظت أنها تبتعد عن صورة المسيح، كما ترفض شرب الماء من النبع المقدس، وبعد فشل الادوية في تحسن حالة “انليز” اقتنع والدها انها مصابة بمس من الشيطان، فتوجهوا الى رجل دين بهدف تخليصها منه، على الرغم من ان اعراض مرض “انليز” تشبه اعراض مرض انفصام الشخصية، وقد تستجيب للعلاج النفسي إن استمر المدة الكافية.

اخضعت ” انليز” ل (67) جلسة لطرد الارواح تضمنت طقوسا دينية على مدى (10) اشهر، خارت خلالها قواها وضعفت وانخفض وزنها بشكل كبير إلى ان وصل الى (36) كغ، حيث كانت ترفض الطعام، وكانت تعاني بشدة الامر الذي ادى الى وفاتها، كانت اخر كلماتها:” اطلب المغفرة”.. ثم نادت: “امي انا خائفة”.

 

والدة “انليز رفضت الفيلم ووالدها لم يستطع العيش ليشاهده حيث توفي قبل 6 سنوات من انتاجه

 

———————————-

والان يبقى لك عزيزي القارئ بعد الاطلاع، لك حرية الاختيار أي التفسيرين تراه التفسير الصحيح والسوي، بانتظار ارائكم .

 

أضف تعليق